إزنزارن: قول في المحايث - أمارك نت | ذاكرة الفن الأمازيغي
recent
إزنزارن: قول في المحايث

إزنزارن: قول في المحايث

شارك المقالة

 


إزنزارن: قول في المحايث 

إزنزارن: قول في المحايث

بقلم أحمد بوزيد
تؤشر أغلب السجلات الشعرية الغنائية لمجموعة ازنزارن على ملمح سوريالي جدير بالانتباه، ويتمثل هذا الملمح في تجربة غناء نصوص متكونة من أكثر من مقطع شعري لأكثر من شاعر، حيت تتساكن فيها كتجربة "بريكولاج" خلاق الشعر المكتوب والشعر الشفوي والمرددات الشعبية، مقاطع كتبت بأكثر من يد وأكثر من مخيلة شعرية، تنتسب للموسوعة الثقافية ذاتها وللحياة الرمزية عينها، تتوالج حميميا ويتحقق التناغم والانسجام الضروريين فيها، وذلك عبر الإيقاعات الموسيقية المستقاة من الذاكرة السمعية الأمازيغية والأهازيج الطقسية، ومن الانفتاح المديني على موسيقى العالم. 
يعود هذا الملمح في جانب منه إلى المناخات الفكرية السبعينية التي شكلت وجدان شبيبة مغرب ذلك العقد الفارق، الذي اكتشف الهيبيزم والصلات بينه وبين كناوة وموسيقى الزنوج، وما ينطبع به السلوك الفردي الشبابي من نزعة البوهيمية، حيث إن الهيبيزم ليس سوى بيان موسيقى لحركة جيل البيت أو الجيل المهزوم بسان فرانسيسكو، مع شعرائها الكبار ألين غينسبيرغ وجاك كيرواك ووليام بروز، المتصلة بدورها بنص غائب يتمثل فيما تمخض عن اللقاء بين الشاعر أندري بروتون والمفكر الأممي ليون تروتسكي، والذي تشكلت معالم حواره بصياغة بيان " نحو فن ثوري حر" سنة 1938، والذي جعل الشعر طاقة تخريبية قلقة صارخة في وجه التسلط والعبودية جامعا بين الخيال الممجد للحرية والمنفلت من كل سلطة وبين متاهات اللاوعي وأشباحه وهواجسه، بين جماليات الممكن وقبحيات الكائن.
هذا المناخ طبع مسار مجموعة ازنزارن وأعمالها المتراوحة بين المناداة بالتحرر الاجتماعي من أشكال اضطهاد وقهر الفقراء والمهمشين والمحرومين، وانعكس في اللغة المستقاة من حقل الألم ومعالم العنف والقتل والدم والفجيعة والقسوة والقمع وبين القلق الوجودي والهبوط إلى مملكة اللاوعي وتسريد الجراح والآلام الذاتية، التي تقدم الوجود بوصفه جحيما نفسيا وتمجيد العزلة والفضاءات الطبيعية البكر. والتي لم تشهد فيها العلاقات الإنسانية بالآخر وبالطبيعة سطوة الاغتراب.
كما يطبع شخصية عبد الهادي إكوت لعقود ولياذه إلى عزلته البحرية والنأي بعيدا عن الضوء وبعيدا عن زيف العلاقات الاجتماعية والزهد عن كل وجاهة رمزية في عالم فجائعي، وهو ملمح يفسر أيضا تواري شعراء إزنزارن على أغلفة الأشرطة التسجيلية وعدم ذكرهم للشعراء الذين كتبوا النصوص الشعرية المغناة، إنه سند لتفسير الأبعاد البصرية واختيارات اللباس في العروض الموسيقية لازنزارن، وإضاءة خافيات نوادر عبد الهادي إكوت، التي تمثل في عمقها تجسيدا مضاعفا وموازيا لهذا الملمح.
أما من أراد أن يخوض في التحقيق والجرح والتعديل في النسبة الشعرية فمن المفيد أن يعمل بوصية فريد الدين العطار ويعدها ملائمة لمسعاه إذ كتب "وإذا أردت العزم على خوض هذا الميدان، فعليك أن تسلم رأسك للريح" في كتاب " منطق الطير"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الصفحات